نبذة عن نشأة لواء الوحدات الخاصة البحرية
كانت إيطاليا أول دولة تنشئ سلاح للضفادع البشرية و نفذت أول عملية بنجاح في الأول من نوفمبر 1918 أثناء الحرب العالمية الأولى نتج عنها إغراق المدمرة النمساوية/المجرية Viribus Unitis و تم ذلك بإستخدام طراز بدائي من الطوربيدات البحرية يطلق عليه اسم "الطوربيد البشري" يحمل فردين على سطحه لا يظهر منهم سوى الرأس فقط فوق سطح الماء و بدون أية تجهيزات للغطس و التنفس تحت سطح الماء، ثم تطورت الأجهزة و المعدات لتسمح للفرد بالغطس و التنفس تحت سطح الماء منفرداً بدون تجهيزات مساعدة تربطه بوحدة بحرية مرافقة و استخدمتها ايطاليا أثناء الحرب العالمية الثانية بنجاح مما دفع بالولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتي و بريطانيا و ألمانيا إلى سرعة إنشاء وحدات مماثلة.
و في مصر نشأت فكرة إنشاء وحدة للضفادع البشرية عام 1950 و تم استقدام مدرب غطس ايطالي يدعى (Bucharini) عام 1951 للعمل على اختيار و تدريب عناصر من الضباط و ضباط الصف المصريين ممن يتميزون بالكفاءة العالية و بدء التدريب في قسم مدرسة الطوربيد بالقاهرة ثم انتقلت إلى الميناء الغربي بالإسكندرية برأس التين و أصبحت قسم منفصل من أقسام القوات البحرية عام 1952 عرفت بإسم "الفرقة السرية".
تم اختيار ستة أفراد للحصول على دورة تدريبية متقدمة في الغطس بإيطاليا عام 1952 منهم فوزي عبد الرحمن فهمي (الدفعة 2) و حسين ياقوت (الدفعة 2) و حسن نزيه هللودة (الدفعة 4) و عقب عودتهم كان الملازم أول فوزي عبد الرحمن فهمي هو قائد أول وحدة للضفادع البشرية عام 1954 (و تلاه حسن هللودة) و تغيير اسم الفرقة السرية ليصبح وحدة الضفادع البشرية و انتقل مقرها إلى الموقع 31 على حاجز الأمواج بالميناء الغربي برأس التين بمبنى الكشافة البحرية.
استمر تدريب الضفادع البشرية على الأعمال الهجومية و الدفاعية و كانت أولى مساهمتهم هي الإشتراك في عمليات تطهير قناة السويس من مخلفات العدوان الثلاثي و تأمينها لكي تصبح صالحة للملاحة فكانت تلك أول تجربة لإظهار قدرتها على تنفيذ الأعمال الدفاعية.
في عام 1958 إزداد الاهتمام بتطوير وحدة الضفادع البشرية فتم زيادة أعداد العناصر و تطوير برامج التدريب ثم رأت قيادة القوات البحرية ضرورة تكوين عنصر قادر على تنفيذ مهام قتالية في عمق دفاعات العدو فتم تكوين وحدة الصاعقة البحرية عام 1961 بقيادة حسين أمين (الدفعة 11) لتكوّن مع وحدة الضفادع البشرية ما عرف فيما بعد بإسم لواء الوحدات الخاصة و بالفعل اشتركت وحدة الصاعقة البحرية في حرب اليمن حيث اكتسبت هناك العديد من الخبرات القتالية.
عقب هزيمة يونيو 1967 تم تطوير التدريب بلواء الوحدات الخاصة ليصبح أكثر قوة و مشقة و بالفعل نجح رجال الضفادع البشرية أعوام 1969/1970 في تنفيذ عدد من العمليات الناجحة في ميناء إيلات الإسرائيلي بالإضافة إلى تدمير الحفار الإسرائيلي في أبيدجان بساحل العاج في عملية مشتركة مع المخابرات العامة، و يذكر أنه تم عام 1967 إنشاء الكتيبة القتالية المشهورة باسم "الكتيبة 39 قتال" بقيادة المرحوم الشهيد العميد ابراهيم السيد الرفاعي أمير الشهداء لتنفيذ عمليات خاصة خلف خطوط العدو و كانت نواة تلك الكتيبة 29 فرد من رجال الصاعقة البحرية (منهم ثلاثة ضباط هم إسلام توفيق و وسام حافظ و ماجد ناشد) و 10 من رجال الصاعقة البرية و اشتق اسم الكتيبة من عدد أفرادها و قامت بتنفيذ أكثر من 100 مهمة قتالية ناجحة خلف خطوط العدو قبل حرب أكتوبر.
و بحلول عام 1969 استقر تشكيل لواء الوحدات الخاصة ليصبح بقيادة رضا حلمي (الدفعة 5) و هو ما زال برتبة رائد يبلغ من العمر 34 عاماً و خليفة جودت (الدفعة 7) رئيس الأركان و مصطفى طاهر (الدفعة 9) رئيس العمليات و حسن هندي رئيس الصاعقة البحرية و علي عزمي رئيس الضفادع البشرية و حسنى عبد الفتاح (الدفعة 11) رئيس قسم الهجوم وأحمد راغب رئيس قسم الدفاع.
استمر تطوير الهيكل التنظيمي للواء الوحدات الخاصة فتم في نهاية عام 1970 إنشاء وحدة فرعية ثالثة باللواء و هي وحدة اللنشات السريعة لتقوم بعمليات الإنزال بالإضافة إلى العمل كوحدة مسلحة خفيفة لتنفيذ عمليات الإغارة السريعة على مواقع و وحدات العدو البحرية و في عام 1971 انتقل لواء الوحدات الخاصة إلى أبوقير حيث تم تجهيز منطقة خاصة باللواء تشمل وحداته الثلاثة و التي أضيف اليها كتيبة للعائمات الخفيفة.
أصبح هذا اللواء بوحداته الرئيسية الثلاثة – الضفادع البشرية و الصاعقة البحرية و اللنشات السريعة – سلاح متكامل يختص بمهام الإقتحام و الإغارة و التأمين و التطهير و السيطرة على الوحدات والمنشأت البحرية، و مهام التلغيم تحت سطح الماء و تنفيذ الكمائن البحرية و الكمائن البرية على المحاور الساحلية، و مهام الاستطلاع داخل مياه العدو، و ينفذ هذا اللواء عملياته باستخدام أقل عدد من الأفراد و بمعدات خفيفة، و يتم الإنزال بواسطة مختلف أنواع المركبات المائية أو الطائرات المروحية أو القفز بالمظلات و يتميز أفراده بصفات بدنية عالية و إجادة تامة للفنون القتالية و أساليب القدرة على التحمل و المعيشة في الظروف الغير مواتية و نجح اللواء في المشاركة بفاعلية في حرب أكتوبر 1973.
استمر تطوير اللواء في أوقات السلم حيث أضيفت وحدة الوسادة الهوائية الهوفركرافت عام 1976 و ظل تطوير كفاءة هذا اللواء و قدراته القتالية من أولويات القوات البحرية المصرية ليساير دائماً تطورات العصر الحديث من تدريب و تجهيزات.
ظل أفراد الضفادع البشرية منذ إنشاء الوحدة عام 1951 يستخدمون معدات و أدوات الغطس الإيطالية من انتاج شركة Pirelli، و عندما تم القبض على الضفادع البشرية الإسرائيلية في الإسكندرية في يونيو 1967 (أنظر صفحة 73) تبين للجميع المستوى المتقدم و الحديث لمعداتهم مقارنة بمعدات رجالنا التي يعود تاريخها إلى الحرب العالمية الثانية لذا تم في سبتمبر 1968 إيفاد بعثة إلى فرنسا (Sanary) لشراء أجهزة و معدات و أدوات غطس حديثة و التدريب على استخدامها و اختبارها في الظروف المختلفة، و تكونت البعثة من العميد رجائي موسى قائد لواء الوحدات الخاصة أنذاك والرائد ضياء حسين و النقيب حسني عبد الفتاح و الملازم أول عمر عز الدين و تم إستلام الأجهزة و المعدات في يناير 1969.
كما تم البدء في تدعيم اللواء بمجموعة من المجندين من ذوي المؤهلات العليا منذ أوائل عام 1968 و كانت أول دفعة مكونة من أربعة مهندسين من بينهم البطل أسامة مطاوع الذي اشترك في عمليات إختراق ميناء إيلات الأولى و الثانية وكان ضمن الفريق المشارك في عملية متابعة تدمير الحفار في لاجوس بنيجيريا كما قام بالإشتراك في عدة عمليات عبور بصفة فنية و كذلك الإعداد الفني لعمليات أخرى عديدة.
و عن تدريب هؤلاء الرجال يذكر أعضاء نادي اليخت بالإسكندرية قصة طريفة ففي ليلة من ليالي شتاء أوائل عام 1969 اشتدت فيها الرياح و ارتفعت الأمواج كان على رجال الضفادع البشرية القيام بطابور للتدريب ينطلقون فيه من أبوقير إلى ميناء رأس التين و مهاجمة أهداف هيكلية ثم العودة إلى أبوقير ثانية و لكن عقب إنتهاء مهمتهم في ميناء رأس التين و نظراً لقسوة الظروف الجوية في تلك الليلة تقرر إنهاء طابور التدريب و توجيه الرجال للخروج عبر الميناء الشرقي ..
و بينما كان بعض رواد النادي لا زالوا يتسامرون على الشرفة المطلة على الشاطئ في تلك الليلة إذا بهم يفاجئون بمجموعة من الأشباح السوداء تخرج أمامهم من الماء فذعر الجميع و فروا بينما رجال الضفادع البشرية بأقنعتهم و بدلات الغطس السوداء يحاولون تهدئتهم و طمئنتهم أنهم جنود و ضباط مصريون ..