الإختراق الخامس لميناء إيلات – العملية الثالثة
التاريخ: ليلة الخميس 14/ الجمعة 15 مايو 1970
الهدف: تدمير "بات شيفع" سفينة إنزال أليات
النتيجة: تدمير رصيف ميناء إيلات و مقتل عدد من الضفادع البشرية الإسرائيلية
الأبطال: المقدم رضا حلمي – قائد العملية
المجموعة الأولى: ملازم أول عمر عز الدين/ الرقيب على أبو ريشة
المجموعة الثانية: ملازم أول نبيل عبد الوهاب/ الرقيب فؤاد رمزي
ظل هدف تدمير و إغراق السفينة "بات شيفع" يراود رجال الضفادع البشرية و قياداتهم لذلك تم تعديل الخطة بحيث يتم تلغيم رصيف الميناء ليلاً بلغمين زنة كل لغم 150 كيلوجرام من مادة الهكسانيت شديدة الانفجار و ضبط توقيت انفجار الألغام ليتم الساعة الثانية عشرة ظهراً بحيث تنفجر الألغام بعد عودة السفن إلى أرصفتها فإذا ما تم تدمير و إغراق السفينة "بات شيفع" تكون العملية قد حققت هدفها و إذا لم يتم إغراقها فمن المؤكد أنها ستكون قد تضررت بما يمنعها من الخروج ليلاً خارج الميناء و بما يتيح لرجال الضفادع البشرية الفرصة للهجوم عليها .. و وافق تاريخ تنفبذ العملية ليلة الخميس 14/الجمعة 15 مايو و هي ليلة الإحتفال بعيد تأسيس دولة إسرائيل.
و يذكر أنه تم في الليلة السابقة 14/13 مايو إغراق سفينة الأبحاث الإسرائيلية "أوريت" في بحيرة البردويل أمام سواحل سيناء و ذلك بواسطة لنش الصواريخ 530 بقيادة النقيب مجدي محمد ناصف و غرقت السفينة بطاقمها على الفور.
كان المقدم رضا حلمي قد وصل هو و رفاقه الأبطال إلى عمان يوم الأربعاء 6 مايو و بعد أسبوع أوصلهم الرائد الأردني مطلق حمدان بسيارته إلى موقع الإنزال السابق و في العاشرة و النصف من مساء يوم الخميس 14 مايو انطلقت مجموعتان من أسود البحر المصريين و هم الملازم أول عمر عز الدين و معه الرقيب علي أبو ريشة و الملازم أول نبيل عبد الوهاب و معه الرقيب فؤاد رمزي و كل مجموعة تحمل لغم واحد وزنه 150 كيلوجرام.
اقترب أبطال الضفادع البشرية سباحة من محيط الميناء و في الساعة الثانية من صباح الجمعة 15 مايو أصبحوا في مجال عمل دوريات العبوات التفجيرية و كان معدل الانفجارات متزايد نحو مرة كل دقيقة أو دقيقتين بما يضاعف من خطورة العملية و حدث بالفعل ما كانوا يخشونه فقد انفجرت احدى هذه العبوات بالقرب من المجموعتين فأصابت أذانهم جميعاً بالأذى الشديد و الأخطر من ذلك أن شدة الموجة التفجيرية أدت إلى قذف الرجال الأربعة فوق سطح الماء فأصبحوا جميعاً مكشوفين لثواني عديدة لولا أن قائد اللنش الإسرائيلي كان متجهاً ببصره إلى الأمام فلم يرى أياً منهم و لو أنه استدار برأسه للحظة واحدة لكان قد رأهم جميعاً واضحين أمامه فوق سطح الماء و لكنهم كانوا في رعاية الله و حمايته .. اشتكى الرقيب على أبو ريشة عقب ذلك من ألم شديد بأذنه لقربه من موقع الإنفجار (تبين فيما بعد أنه أصيب بتهتك في الأذن) فأمره الملازم أول عمر عز الدين بالعودة ليستكمل هو المهمة بمفرده و يحمل اللغم وحده (150 كيلوجرام) .. و بالفعل أستكمل الأبطال الثلاثة طريقهم و للمرة الثالثة تكون احدى المجموعات مكونة من فرد واحد فقط بالمخالفة للتعليمات ..
اقترب الأبطال و بدأوا في الغطس إلا أنهم فشلوا في قطع حلقات الصلب في الشباك المحيطة بالميناء فغطسوا حتى القاع و عبروا من تحت الشباك مع ما في ذلك من خطورة تعريضهم للإصابة بالتسمم الأوكسجيني إلا أنهم عبروا بسلام حتى وصلوا إلى رصيف الميناء و عندما حاولوا تثبيت الألغام فوجئوا بها تطفو و لا تستقر على القاع و اكتشفوا أن الاهتزازات العنيفة للعبوات المتفجرة حولهم و بالذات تلك التي قذفتهم فوق سطح الماء قد أثرت على إتزان الألغام فما كان من عمر عز الدين إلا أن أشار إلى زميله نبيل عبد الوهاب بخلع حزام الرصاص الذي يرتديه حول وسطه و تثبيته حول اللغم .. و نجحت المحاولة و استقرت الألغام في موقعها.
اتخذ الأبطال طريق العودة، و لعدم ارتدائهم لحزام الرصاص كان عليهم أن يبذلوا مجهوداً إضافياً لمقاومة قوى الطفو فكان عليهم السباحة بزاوية تميل لأسفل بحيث تكون محصلة الحركة هي أن يظلوا في نفس المستوى الأفقي المطلوب .. وبعد نحو 500 متر كانوا قد ابتعدوا بما فيه الكفاية لتأمين أنفسهم فصعدوا إلى سطح الماء و أكملوا طريقهم سباحة.
و عاد الأبطال إلى الشاطئ الأردني بسلام، حيث وصل البطل عمر عز الدين في الرابعة و خمسين دقيقة من صباح الجمعة 15 مايو و تلته المجموعة الثانية في الخامسة و النصف و سلموا أنفسهم للسلطات الأردنية التي نقلتهم إلى المستشفى العسكري لعلاج إصابات أذانهم و بالذات الرقيب علي أبو ريشة الذي أصيب بتهتك في الأذن.
يبدو أن الضرر الذي أصاب إتزان الألغام قد أصاب أيضاً أجهزة التوقيت فبدلاً من أن تنفجر الألغام في الثانية عشرة ظهراً حسب المخطط انفجر اللغم الأول في السابعة و خمس و ثلاثين دقيقة صباحاً و قبل دخول السفن و رسوها على رصيف الميناء و لكنه دمر رصيف الميناء، و بالطبع أعلنت حالة الطوارئ و لم تدخل السفن إلى الميناء و انتظر الإسرائيليون لأكثر من ساعة تحسباً لأية انفجارات أخرى ثم قام رجال الضفادع البشرية الإسرائيليون بالنزول إلى المياه لتفقد الرصيف و هنا انفجر اللغم الثاني في نحو التاسعة صباحاً فأتى على جزء إضافي من رصيف الميناء كما تسبب في مقتل عدد من الضفادع البشرية يقدر بنحو 14 ضفدع بشري إسرائيلي حيث شوهدت العديد من سيارات الإسعاف تنقل الجرحى والقتلى (أشارت المصادر الإسرائيلية إلى مقتل ضفدع بشري واحد فقط) ..
يقول البطل نبيل عبد الوهاب أنه سأل رفيقه البطل عمر عز الدين بعد عودتهم عما كان سيفعله لو لم تكن حيلة ربط الألغام بحزام الرصاص قد نجحت في تثبيت الألغام .. فكان رد عمر هو "شوف يا نبيل العملية كانت حتتنفذ يعني حتتنفذ .. حتى لو اضطريت أحضن اللغم على صدري للصبح .. بس العملية تنجح" ..
يقول البطل عمر عز الدين في كتاب (وحوش البحر صفحة 63) " بعد العودة سلمنا نفسنا كالعادة للأردنيين .. و الإخوة الأردنيون قابلونا و في أعينهم احساس بالفرحة و بالفخر بنا و كنا نقول لهم كل مرة قصة الهليكوبتر التي أنزلتنا في طابا، فوجدت أحدهم يقول لي .. برضه جايين من طابا؟ فقلت له .. نعم .. فهز رأسه و هو يبتسم و يقول .. طيب".
و في هذه المرة رافق الرائد ابراهيم الدخاخني المجموعة في العودة إلى مصر عبر مطار عمان ثم مطار بيروت حتى الوصول إلى القاهرة.